من يعتقد بفصل الدين عن السياسة والحياة ؛اعتقاده يستحق منا الرحمة ،والإرشاد ،فهو في ضيق إدراكه لما يلبي حاجته ،هو في وعي ولد في زير من الظلام ؛ أظنه ولد يوم ولد في فرحة كبيرة أنسته حياته السابقة الجميلة ..
أقول في البدية من الفصل : وعيك هذا نتج عن عقدة فصل حين لم تستطع الفصل بين الإنسان ككيان والدين كمرجعية للقياس ؛فما يقوم به الإنسان يحتاج إلى مختبر لقياس جودته أو معيار للنقل منه ،فالانسان الكامل من يلبي كل المعايير بدرجة عالية من الاحتراف ليعكس مدة تدربه على ذلك وقدرته على ترويض نفسه وتطويعها لتحقق معايير القياس هذه المعايير هي الدين ولا دين إلا الإسلام ؛فمن خالف المعيار لا يؤثر على ذات المعيار بل على ذاته هو …
بعد أن نتعلم الفصل بين الانسان ككيان والدين كمرجعية للقياس سنكون قادرين على تقويم أنفسنا بمرجعية كاملة لاتحتاج إلى إعادة صيغة بسبب نتائجها الكارثية بالتجربة والخطأ ؛ بعد أن نتعلم الفصل لن نعيد خطأ الإنسان ككيان إلى سبب غامض وتافه كذريعة لتسفيه المرجعية ..
بعد أن نتعلم الفصل سنسمي الأشياء بمسمياتها ،،فاللص هو المتلصص ،والسارق هو من يستغل الغفلة والمختلس هو من يستغفل الأمانة ،والكافر هو من يعتنق كفران النعم ،و و …الخ
بطبيعة الإنسان مهما كابر على نفسه أنه لا يستطيع أن يعيش دون معتقد يأويه ويرجع إليه لينسب رأيه ويقتبسه منه ، وإلا ظل إحساسه مبتور منقطع لايستطيع نقله بالقياس أو ضرب مثال ،أوحتى نقل التوصيف به ؛حتى أنك تجد أولئك الذين لايعتقدون هم في حقيقتهم معتقدين ، فبينما هم يخرجون من الدين إلى اللادين يعتنقون عقيدة الشهوة ،تلك العقيدة اللادينية الواسعة المتفرعة بداية من شهوة العقل مرورا بشهوة الضد ؛ والكثير من الفرق، والتفرعات حتى الوصول إلى شهوة الكسل …
الإسلام ليس قبله دين هو الأوحد والأول والخاتمة ،وكل شيء خلق وهو يعانقه ؛وما من شيء نسيه إلا وتذكره ولكن بشكل أخر حتى أنه يظن نفسه والدة الذي أنجبه فيسميه بما يوافق رغبته ويربيه بطريقته وعلى مذهبه ويشكل فرقته ؛كل النبيين يدينون به ولكل منهم شرعة بنص رسالته التي لاتخرج عن الإسلام كدين هو المعيار والمرجعية الأزلية …
السياسة تمرد على العمل قبل الدين ،لهذا نجد السياسات في ولادتها تتوكأ على الدين قبل أن تتمرد عليه ،وهي متمردة على العلم قبل ذلك ،حيث بدأت بترويض العلم لتطويع الدين بحسب حاجتها ، حين تكتمل هيمنتها عليهما تكون قد امتلكت زمام تسخيرهما للاعتراف بالخضوع المطلق بأحقيتها في الاحتواء الكامل لهما ولامفر ولا منفذ لهما من محيطها هي المنفى الدائم لكل منهما…